مقدمة
يشكّل هذا الكتاب ثمرة من ثمار سلسلة ورش العمل لتدريب المدرّسين في مجال التربية الإعلامية والمعلوماتية التي شارك برنامج الأمم المتحدة لتحالف الحضارات بتنظيمها خلال عام 2013 و 2014 في فاس بالمغرب والقاهرة بمصر. (1)
وقد أدرك برنامج الأمم المتحدة لتحالف الحضارات منذ وقت مبكر الأهمية القصوى للتربية الإعلامية والمعلوماتية في بناء مجتمعات سلمية، يتعايش فيها الأفراد من خلفيات ثقافية ودينية مختلفة في وئام تام جنباً إلى جنب؛ باعتراف تقرير المجموعة رفيعة المستوى التابعة لـ “برنامج الأمم المتحدة لتحالف الحضارات”.
“يشكّل التعرض المستمر لمجموعات السكان لوسائل الإعلام تحدياً تعليمياً، إزداد تعقيداً في العصر الإلكتروني والرقمي. إن تقييم مصادر المعلومات يتطلب المهارات والتفكير الناقد، كما أنه يشكّل مسؤولية تعليمية، يتم الاستخفاف بأهميتها في كثير من الأحيان. إن فصل الواقع عن الرأي، وتقييم النص والصورة من دون تحيز، بالإضافة الى بناء وتفكيك النص بالارتكاز على مبادئ المنطق هي مهارات قابلة للتعليم. كما أن تعليم التربية الإعلامية والمعلوماتية ليس معروفاً على نطاق واسع لأهميته كأحد جوانب التعليم المدني والتعليم من أجل السلام؛ وبالتالي لم يتم تطوير سوى عدد قليل من البرامج التعليمية كجزء من التعليم الأساسي الحديث.” ويوصي التقرير “بضرورة تنفيذ برامج التربية الإعلامية في المدارس، وخاصة في المرحلة الثانوية، للمساعدة في تطوير مقاربة واعية ونقدية لتغطية الأخبار من قبل مستهلكي الإعلام، وتعزيز الوعي الإعلامي وتطوير التثقيف على الإنترنت لمكافحة سوء الفهم والتعصب وخطاب الكراهية.” (2)
وقد إزدادت الحاجة اليوم إلى تنفيذ التربية الإعلامية والمعلوماتية في المدارس بنسب استثنائية. فقد استقطبت السلطة المتنامية والسريعة الانتشار لوسائل التواصل الإجتماعي إهتمام الكثيرين، ليس فقط المعلنين في مجال السلع الاستهلاكية، بل ايضاً، وبشكل مأسوي، كافة محركات الدعاية الرقمية للمجموعات التي تنشر الكراهية والتباعد والعنف الشديد في كافة أنحاء العالم. ينبغي أن يتم فهم التربية الإعلامية والمعلوماتية كعنصر أساسي في الجهود الرامية إلى تعزيز المرونة والصمود في وجه رسائل المتطرفين المشهود لهم بالعنف. يجب ان تشكل التربية الإعلامية والمعلوماتية، ليس أداة رقابة، بل كمنصة لتطوير مهارات التفكير النقدي، وخلق رسائل مضادة للخطاب الذي يمجد الموت والعنف.
نأمل أن يصبح هذا الكتاب مصدر إلهام ومورداً هاماً للمدرّسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذين يبحثون عن فرص لإدخال عناصر تعليم التربية الإعلامية والمعلوماتية الى صفوفهم؛ أملاً في أن يسهّل ذلك تطوير تفاهم أفضل بين الأفراد من مختلف الأديان و الخلفيات الثقافية.
ونرغب في توجيه الشكر الى الحكومة الإسبانية لتوفيرها التمويل اللازم لورش العمل المذكورة أعلاه وتسهيل عملية نشر هذا الكتاب. كما نود أن نشكر جميع المساهمين في هذا الكتاب، لا سيما السيدة ماجدة أبو فاضل التي تولت مهمة مزدوجة من خلال عملها كالمحررة الرئيسية للنصوص كافة باللغتين الإنجليزية والعربية. نحن ايضاً ممتنون لكل من السيد آلتون غريزل واليونسكو، لضم جهودهم الى برنامج الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، لجعل نشر هذا الكتاب ممكناً.
أود أن أتوجه بشكر خاص الى “نورديكوم”، تقديراً لدعمهم من أجل نشر هذا الكتاب، وضمان توزيعه على الصعيد العالمي.
جوردي تورنت
مدير المشروع
مبادرات التربية الإعلامية والمعلوماتية
برنامج الأمم المتحدة لتحالف الحضارات
(1) اختبرت ورش العمل المذكورة أعلاه وناقشت مع مدرّسين من المراحل الثانوية الفرص والتحديات التي تواجه عملية تنفيذ مناهج التربية الإعلامية والمعلوماتية للمدرّسين” الخاصة باليونسكو. يرجى زيارة الرابط التالي: http://unesco.mil-for-teachers.unaoc.org
(2) يرجى زيارة الرابط التالي: http://www.unaoc.org/who-we-are/high-level-group